responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 74
وَقِيلَ: يُنْظَرُونَ هُنَا مِنْ نَظَرِ الْعَيْنِ وَهُوَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ كَمَا يَتَعَدَّى بِإِلَى أَيْ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْغَضَبِ وَالتَّحْقِيرِ.
وَجِيءَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الثَّبَاتِ وَالِاسْتِقْرَارِ بِخِلَافِ قَوْله: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ فَالْمَقْصُودُ التَّجَدُّدُ لِيَكُونُوا غَيْرَ آيِسِينَ من التَّوْبَة.
[163]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 163]
وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (163)
مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [الْبَقَرَة: 161] . وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا يَنَالُهُمْ عَلَى الشِّرْكِ مِنَ اللَّعْنَةِ وَالْخُلُودِ فِي النَّارِ بَيَّنَ أَنَّ الَّذِي كَفَرُوا بِهِ وَأَشْرَكُوا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَفِي هَذَا الْعَطْفِ زِيَادَةُ تَرْجِيحٍ لِمَا انْتَمَيْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِإِلَهٍ وَاحِدٍ.
وَالْخِطَابُ بِكَافِ الْجَمْعِ لِكُلِّ مَنْ يَتَأَتَّى خِطَابُهُ وَقْتَ نُزُولِ الْآيَةِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ كُلِّ قَارِئٍ لِلْقُرْآنِ وَسَامِعٍ فَالضَّمِيرُ عَامٌّ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ ابْتِدَاءً الْمُشْرِكُونَ لِأَنَّهُمْ جَهِلُوا أَنَّ الْإِلَهَ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا.
وَالْإِلَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الْمَعْبُودُ وَلِذَلِكَ تَعَدَّدَتِ الْآلِهَةُ عِنْدَهُمْ وَأُطْلِقَ لَفْظُ الْإِلَهِ عَلَى كُلِّ صَنَمٍ عَبَدُوهُ وَهُوَ إِطْلَاقٌ نَاشِئٌ عَنِ الضَّلَالِ فِي حَقِيقَةِ الْإِلَهِ لِأَنَّ عِبَادَةَ مَنْ لَا يُغْنِي عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ عَابِدِهِ شَيْئًا عَبَثٌ وَغَلَطٌ، فَوَصْفُ الْإِلَهِ هُنَا بِالْوَاحِدِ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هُوَ الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ فَلَيْسَ إِطْلَاقُ الْإِلَهِ عَلَى الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ نَقَلًا فِي لُغَةِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنَّهُ تَحْقِيقٌ لِلْحَقِّ.
وَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ إِطْلَاقِ جَمْعِ الْآلِهَةِ عَلَى أَصْنَامِهِمْ فَهُوَ فِي مَقَامِ التَّغْلِيطِ لِزَعْمِهِمْ نَحْوُ فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ [الْأَحْقَاف: 28] ، وَالْقَرِينَةُ هِيَ الْجَمْعُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُطْلَقْ فِي الْقُرْآنِ الْإِلَهُ بِالْإِفْرَادِ عَلَى الْمَعْبُودِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَبِهَذَا تَسْتَغْنِي عَنْ إِكْدَادِ عَقْلِكَ فِي تَكَلُّفَاتٍ تَكَلَّفَهَا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي مَعْنَى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ.
وَالْإِخْبَارُ عَن إِلَهكُم بإله تَكْرِيرٌ لِيَجْرِيَ عَلَيْهِ الْوَصْفُ بِوَاحِدٍ وَالْمَقْصُودُ وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ لَكِنَّهُ وَسَّطَ لَفْظَ إِلهٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ لِتَقْرِيرِ مَعْنَى الْأُلُوهِيَّةِ فِي الْمُخْبَرِ عَنْهُ كَمَا تَقُولُ عَالَمُ الْمَدِينَةِ عَالَمٌ فَائِقٌ وَلِيَجِيءَ مَا كَانَ أَصْلُهُ مَجِيءَ النَّعْتِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ وَصْفٌ ثَابِتٌ
لِلْمَوْصُوفِ لِأَنَّهُ صَارَ نَعْتًا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست